صبحت منطقة غرب آسيا بأكملها جزءا من الامبراطورية العثمانية ، منذ سنة 1516م حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وتشهد المباني العظيمة للجدران المحيطة بالمدينة القديمة في القدس ، والتي أقامها السلطان العثماني سليمان القانوني (1520-1566م)، على مكانة القدس في نظر العثمانيين. ومن الدلائل المهمة ، أيضا الوقف الذي خصصته سنة 1552م خسكي سلطان، زوجة سليمان والمفضلة لديه. فقد شيّدت مجمعا في القدس ابتغاء "رضا الله سبحانه وتعالي ، من أجل الفقراء والمحتاجين ، والضعفاء والمحزونين" ، ضم تكّية "لها خمسة وخمسون بابا" ، ونزلا ومطبخا عاما ومخبزا واسطبلات ومخازن. ونصّت حجة الوقف على عدد الموظفين المطلوبين لإدارة هذا المجمع ، من خدم وكتبة وطهاة (ومتدربين ) ومفتشي أطعمة وغسالي صحون وطحّانين وعمال وجامعي قمامة. ووصفت حجة الوقف بالتفصيل نوع الوجبات التي تقدم ، والعناصر الغذائية المستخدمة ،والكميات التي يتعين طهيها. ورصد الوقف لصيانة المبنى عوائد تحصّل من ثلاث وعشرين قرية فلسطينية ، علاوة على عوائد تجلب من قرية في شمال لبنان، ومن متاجر ومصانع صابون في طرابلس. وقد ظل مطبخ خسكي سلطان ومخبزها يعملان طوال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين.